تشارلز دومري : حيث تصبح الشهية لعنة !!
الرجل الذي لم يستطع إسكات جوعه حتى بتناوله للنفايات والمخلوقات الحية !
فهذا الرجل لم يستطع إسكات جوعه بتناول مخزن جيش كامل بكل شراهة!
فمن هو أذن ؟
تشارلز دومري, ولد بأسم تشارلز دومريز في بينيش, بولندا حوالي عام 1775, وكان واحدًا من تسعة اخوة.
وتقريبًا كل ما نعرفه عن “دومري” مصدره سجلات “د.ج.جونستون” في كتابه المسمى “المجلة الطبية والمادية”.
كان والد “دومري” كما وصفه “دومري” بنفسه : ” آكلًا شغوفًا وفي العادة يأكل اللحم نصف مسلوق , لكنني كنت صغيرًا جدًا لأتذكر الكمية”. كما وصف “دومري” اخوته بأنهم يعانون نفس حالته البائسة.
لكن لصغر عمر “دومري” كان الشيء الوحيد الذي يدركه هو تفشي الجدري في عائلته, والذي أدى لكونه الناجي الوحيد من بينهم.
هكذا انتهى الأمر بـ “دومري” يتيمًا وحيدًا , لا يلقى ما يسد به شهيته العجيبة, ليلتحق بالجيش بسن 13 سنة .
الخدمة العسكرية
ألتحق “دومري” بالجيش البروسي وأصبح في كتيبة كانت تحاصر ثيوبيل خلال حرب الائتلاف الأولى, الجيش البروسي كان يعاني من نقص في الطعام , وهو الامر الذي وجده “دومري” لا يطاق , مما جعله يدخل الى الصفوف الامامية في الحرب ويستسلم للرقيب الفرنسي, ولغرابة أطواره كافأه الرقيب الفرنسي بحبة بطيخ ضخمة ! , أكلها “دومري” فورًا مع بذورها.
أيضا تم اعطاء “دومري” كل ما لذ وطاب من الطعام من قبل الرقيب الفرنسي, فكان يأكله مباشرة!, وأرى بأن حياة “دومري” كانت هزلية حتى هذه النقطة.
بعد ذلك ألتحق “دومري” بالجيش الثوري الفرنسي, وأنصدم رقبائه الجدد من المصيبة التي حلت عليهم, فقد كانوا مذهلون بشهية “دومري” الشرهة ونهمه الغير المألوف, فمنعوه من تجاوز حصته من حصص الاعاشة , واستخدموا راتبه لشراء طعام اضافي له كلما امكن, إلا انه عانى من الجوع الشديد إلى درجة أنه راح يطارد القطط لكي يلتهمها .. ووحينها أستقر الجيش الفرنسي بمخيم قرب باريس , أكل “دومري” حوالي 174 قطة في سنة واحدة !, تاركًا فقط الجلد والعظم .. يال الشناعة.
أضافة إلى لحم القطط كان الطبق المفضل لدى “دومري” اذا لم يكن هنالك أي طعام في الجوار هو الرمل ! .. كان يأكل قرابة 4-5 باوند (kg1.8-2.3kg) من الرمل في اليوم الواحد.
وكان يفضل اللحم نيئا على كونه مطهو ! , وايضا على قائمة طعامه المفضل التي لا حدود لها كبد البقر الخام النيء.
كان “دومري” يأكل أي لحوم متواجدة, لا يمانع حتى بلحم البشر! .. فعندما كان يعمل على متن السفينة “هوتش” , ضربت كرة مدفعية ساق احد البحارة ، فما كان من دومري إلا وأن اخذ الساق المقطوعة وبدأ بقضم منها حتى صارعه طاقم السفينة وانتشلوها من بين يديه وألقوها بعرض البحر.
أسر دومري
في أكتوبر عام 1798 تمكن أسطول البحرية الملكية الانجليزية تحت أمر السير جون برويس وارين من أسر السفينة هوتش عندما كانت راسية على رصيف ساحل في إيرلندا , وكل من كان على متن السفينة تم اسرهم , من ضمنهم “دومري” طبعا , وتم احتجازهم في مخيم بالقرب من ليفربول, حيث ذهل الحراس البريطانيين بشهية “دومري” الخارقة.
ووافقوا في منحه حصص إعاشة مضاعفة , لكن هذه الحصص غير كافية, فزادت الإعاشة له حتى منح في نهاية المطاف حصص الإعاشة لعشرة رجال كل يوم.
وقد بلغت حصص الإعاشة لأسرى الحرب في هذه الفترة 26 أوقية من الخبز (740g), ونصف رطل من الخضروات و2 أوقية من الزبدة (57g ) أو 6 أوقية من الجبن (170g). لكن لا يزال “دومري” جائعا رغم كل هذا , لا ألومه سأكون بمثل جوعه أن مررت بكل هذا.
وقد ذكر في سجلات السجن بأنه ألتهم قطة السجن بالإضافة إلى 20 جرذًا انتهى بهم الحظ الى زنزانة “دومري”, أيضًا تناول أدوية السجناء في مستوصف المخيم ولم يعاني ادنى آثار جانبية أو حتى وعكة جراء ذلك.
سجل ايضًا بأنه كان يتناول شموع السجن بانتظام, واذا كانت حصته من البيرة استنفذت, كان يلجأ الى الماء ليهضم طعامه.
عينة تحت الاختبار
أحضر مفوض السجن اسيره الغير معتاد لعرضه على المفوضية المختصة برعاية البحارة المرضى والجرحى , وهي الهيئة المسؤولة عن جميع الخدمات الطبية في البحرية الملكية والإشراف على أسرى الحرب. هناك قام الدكتور “ج.جونستون”, عضو اللجنة اعلاه , والدكتور “كوكورين”, زميل الكلية الملكية للأطباء في أدنبرة, بأجراء تجارب لاختبار قدرة الأكل لدى “دومري”.
في الساعة 4:00 صباحًا, استيقظ “دومري” وأكل على الإفطار 4 رطل من ضأن البقر النيء, الذي كان “دومري” يأكله بكل شراهة.
في الساعة 9:30 صباحًا, أعطيت وجبة الى “دومري” مكونة من 5 رطل من لحم البقر النيء, واثني عشرة شمعة كبيرة يبلغ مجموعها رطل واحد, وزجاجة بيرة.
في الساعة 1:00 بعد الظهر, أعطيت وجبة أخرى الى “دومري” مؤلفة من 5 رطل اخرى من لحم البقر الميت, ورطل من الشموع, 3 زجاجات من البيرة.
خلال التجربة “دومري” لم يتبرز او يتبول او يتقيأ في أي لحظة, نبضاته كانت منتظمة, ولم ترتفع او تهبط درجة حرارته, وجلده كان بلون طبيعي.
عند عودة “دومري” إلى معسكره بعد انتهاء التجربة اخبر زملاءه بأنه قضى “وقت جيد”, كان فرحا , رقص قليلًا بينما كان يدخن غليونه, ويشرب زجاجة اخرى من البيرة.
سبب شهية “دومري” المفتوحة والنهمة لاتزال غير معروفة, لكن هنالك حالات أخرى موثقة من الـ بوليفاجيا (الشهية المفرطة) المتطرفة مثل حالة “دومري”’ , وقد يكون التفسير العلمي مرتبط بفرط في نشاط الغدة الدرقية مما يسبب شهية متطرفة وفقدان وزن سريع , في حين يتوقع بيندسون (2006) بأن “دومري” كان يعاني على الأرجح من وجود غدة تالفة او شيء من هذا القبيل , وهذا ما أدعمه انا على الأرجح.
نهايته
ليس في السجلات ما يدل على علاج “دومري” من حالته هذه , ولا نعلم هل رجع إلى فرنسا أو بولندا أم بقى في ليفربول ؟ .. يقال بأنه أختفى عن انظار الناس عام 1852.
تعليقات
إرسال تعليق